August 29, 2007

جحر ضب


تمشى فى الشوارع والطرقات.. أماكن العمل.. الجامعات.. مراكز التسوق وحتى المصايف.. فيلفت انتباهك أشكال غريبة من هيئات البشر. فهذا شاب يقف شعره مستقيما كما المسامير بمثبتات الشعر.. وذاك يرتدى بنطالا من الجينز ذو حجر ساقط مترهل بين فخذيه وكأنه طفل صغير تأخر فى الوصول للحمام فأحدث فى ملابسه!! ترى أخرا وقد اتخذ شعره الكثيف الأشعث أشكالا هلامية ترتفع فوق رأسه، ناهيك عن طريقة المشى التى تبنوها من زنوج أمريكا (أحط وأفقر طبقات الزنوج وليس المعتدلين منهم) وهى التى تشبه من به رعشه عصبية!!



ذهبت لمناسبة اجتماعية تخص احدى الصديقات ولفت انتباهى أن إحدى المدعوات تشبه لحد كبير "هيفاء وهبى" إلى هذا الحد فالشابة معذورة فهذه خلقة الله لها وليس بيدها حيلة. أما أن تتقمص الفتاة شخصية هيفاء وهبى بحق وتتفانى فى استحضار روحها وعمل المستحيل لكى تظهر بنفس مظهرها من مكياج وملابس لا تفى بالغرض الذى اخترعت الملابس من أجله فى الاساس فكان فهذا المثير للدهشة.. فهيفاء وهبى "غانية" عن الوصف.. فما الميزة من التشبه بالغانيات؟؟ ولئن وصفت هذه الفتاه بعد مجهوداتها الخارقة فى التشبه بالغوانى بأنها قد نجحت فى جهودها وأصبحت غانية مثلهن لانهارت حزنا على شرفها المطعون ولتقمصت شخصية الخضرة الشريفة المطعونة فى شرفها ظلما وبهتانا!!!



هل ألوم على الفضائيات التى حولت حياتنا إلى حياة الصور ولخصت حواسنا فى حاسة البصر فقط فأصبح الحكم على الأشياء والأشخاص من خلال صورهم دون أية اعتبارات أخرى؟ لا أظن فالفضائيات هى نفسها التى تنقل إلينا الأخبار وتنشر أفكار أناسا تتقى الله ربها أيضا!!



لقد تحققت نبوءته عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال:


(لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم ) . قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : فمن

الراوي: أبو سعيد الخدري - خلاصة الدرجة: صحيح

المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7320




صدقت يا حبيبى يا رسول الله.. فاليوم حقا لو رأينا رجلين يتسابقان أيهما أسبق فى الدخول لجحر الثعبان وليس الضب لما اندهشنا

August 11, 2007

انعدام الهوية

فى الماضى كان من العار الجسيم أن يمد رجلا يده على امرأة بسوء أو أن يشتبك معها فى الكلام.. كانت تبقى فضيحته بجلاجل. كانت النساء (وخاصة فى الأحياء الشعبية) تستطيع أن تمسك ب"أجعص شنب" فى الحارة والذى قد يكون فتوة المنطقة الذى ترتعش الأرض تحت قدميه، دون أن يستطيع أن يدافع عن نفسه أمام تلك المرأة.. فكان يوصف من يقوم بذلك بأنه "مش راجل"

نرى كثيرا فى الأفلام الزوج وقد جارت عليه الأيام، فتتبرع زوجته بذهبها أو مالها، فيصرخ فى وجهها بكل كبر "مش أنا اللى أخد فلوس من واحدة ست.. الناس تقول عليا ايه لما مراتى تروح تشتغل...إلخ" فقد كان "الرجل" الذى يعجز عن التكفل ببيته "مش راجل"

حتى فترة وجيزة كانت الأفلام تسخر من الرجل الذى تتغنج زوجته أمام الناس أو الذى ترتدى زوجته ملابس مثيرة أمامه وهو يبتسم ابتسامه بلهاء.. (شرعا يطلق على مثل هذا وصف "ديوث")

كنا حتى عهد ليس بقريب جدا نسمع أن "الراجل بكلمته" أو "كلام رجالة"... أما الأن فقد أصبح الكلام كله كلام من زبدة يطلع عليه النهار يسيح.. فلا عهد يوفى ولا كلمة تحترم. وساعة ما تتزنق عيل ورجعت فى كلامك

أتذكر ذات مرة أيام الدراسة وقبل أن يمن الله على بسيارة أن رأيت داخل أحد الأوتوبيسات أحد المشاهد الذى لم يمح من ذاكرتى حتى الأن.. فكان الأوتوبيس مزدحما جدا كالعادة ويحمل ضعف طاقته. حتى قامت إحدة الفتيات لتدفع التذكر للسائق، فأسرع أحد "الشباب" الوقوف لاحتلال كرسيها، فلما عاتبته صرخ فيها "محدش كان قاللك تقومى" !!

وما فاجأنى مؤخرا ولكنه لم يدهشنى، أن أجد بعض الرجال (هكذا يبدو على هيئتهم على الأقل .. أنهم رجال) يقفون فى طابور السيدات فى المصالح الحكومية بحجة أنهم يقضون مصالح لسيدات وهذا طابور السيدات..!! وأخذت أفكر وأحاول أن أفهم المنطق الذى يدفع برجل أن يقف تحت مظلة السيدات ويحسب مع جموع السيدات!!!

نعود لمقدمة الموضوع ونسأل... هل يمكن أن نطلق على هؤلاء أيضا لقب "بدون" ؟؟


August 5, 2007

لصوص لأننا فقراء؟ أم فقراء لأننا لصوص؟


أتعجب من حالنا..

فرغم أن بمصر خيرات عظام من نيل وأرض كانت فى الأصل خصيبة.. بترول وتراث تركه لنا الأجداد لكى "نأكل عليه عيش"، إلا أن الشعب المصرى لا زال جملة من أفقر شعوب المعمورة بل والمخروبة أيضا!!

وأتعجب من حال الشعب المصرى الذى هو أول شعب اخترع فكرة "التدين" وعمل عليها، بل أن المصرى القديم بنى حضارته أساسا على أساس الدين حتى برغم أنها كانت ديانات عدة وديانات وثنية كريهة. ولا زال التدين يعشعش فى داخل خلايا كل مصرى على اختلاف عقيدته، إلا أن بداخله عقيدة ما يقنع نفسه دائما أنها تحركه حتى لو كان الواقع غير ذلك... فعقائد المصريين (حتى الوثنية منها) أبدا لم تكن تدعو للغش والسرقة و الطغيان فى الميزان.

ولكن ما الذى يدعو المصرى، هذا "العارف بالله" أن يغش ويسرق؟ هل لأنه فقير؟ ولماذا هو فقير؟ هل فقره عقاب من الله لأنه يسرق؟ (البيضة الأول ولا الكتكوت)؟ أيتين كلما مررت عليهما أتذكر مصر والمصريين:



الاسراء - 16


المطففين 1->3


فأى ويل يمكن أن يصيبنا أكثر مما نحن فيه؟

جهل ومرض وفقر.. فوضى شاملة وانهيار مطبق فى كافة المجالات تعليم ودين وصحة واقتصاد وزراعة وأى حاجة نفسك فيها!!!

أى فسق يمكن أن يمارس أكثر مما يمارسه مترفينا؟ قمع ووحشية وطعام مسرطن وأطنان من النقود مهربة... فضائيات إباحية وخيانة سياسية.. أى فسق أكثر من هذا؟

هل أصابنا كل ذلك لأننا مطففين؟ نخسر الميزان ولا نعطى العمل حقه.. نخم فى الحساب.. نجمل البضاعة الفاسدة.. نأكل أموالنا بيننا بالباطل.. ندع اليتيم ولا نحض على طعام المسكين.. نقطع ما أمر الله به أن يوصل؟؟

أم أننا نسلك هذا السلوك لأننا فقراء نتحايل على الفقر والله غفور رحيم ونحن فى حكم المضطر فلا حرج؟

البيضة الأول ولا الكتكوت؟

ألوووووووو



ملاحظة غريبة لاحظتها أثناء عملى فى أماكن متفرقة. لاحظت أن زملاءنا العاملين من الطبقات الاجتماعية والوظيفية الدنيا، يمضون وقت فراغهم أثناء يوم العمل فى الحديث فى التليفونات!!! الحديث قد يطول لأكثر من ثلاث ساعات للمكالمة الواحدة!!!
حاولت أن أسترق السمع مرات عديدة لهذه المكالمات (سامحنى يا رب) لكى أفهم ماهو هذا الأمر الخطير الذى تستغرق مناقشته ساعات عدة وكأنها مباحثات سياسية رفيعة المستوى لحل أزمات الشرق الأوسط!! ومع ذلك فشلت فى التقاط أى خط يدلنى على هوية تلك المكالمات.
هل هى مكالمات لمناقشة أعمال خاصة؟؟ لا أظن، فالحالة الاقتصادية لهؤلاء الزملاء لا تدل على وجود أعمال خاصة أو مصادر أخرى للدخل. هل هى مكالمات عائلية من باب صلة الرحم؟ الله أعلم وإن كانت الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية جعلت الأرحام عبئا ثقيلا، فالأب مهموم من عبء الأبناء والأبناء لا يكادون يتحملون أبائهم (خاصة كبار السن) أما الأخوة فدائما من نسل كرامازوف.
هل هى مكالمات غرامية يبث فيها المتحدث زوجته/ زوجها جم مشاعر الحب والغرام لعدم استطاعتهم الصبر حتى الوصول إلى المنزل؟ القاعدة الاجتماعية التى وضعها القدماء بحكمتهم تقول (إن دخل الفقر من الباب هرب الحب من الشباك) وخاصة فى مجتمعنا حيث المشاكل الزوجية قائمة على مصاريف المدارس ومصروف البيت وعاوزين نصيف و(أمك تخينة قوى يا ممتاز)!!!

أغلب الظن أن هذه المكالمات هى مجرد دردشة عابرة.. محاولة من الفرد للتمسك بأى خيط يربطه بالعالم الخارج عن نطاق العمل و تسلط الرؤساء (خاصة على هذه الطبقة).دردشة كتلك التى تدور فى أى جلسة أصدقاء على المقاهى أو فى زيارات البيوت، إلا أنها مجانية. نعم. مجانية ولهذا فهى الأفضل بالنسبة لهؤلاء. فإن افترضنا أن الشخص لكى يتواصل اجتماعيا مع أحباءه، فإنه يجب أن يسلك طريقه للقاء فى وسائل مواصلات متهالكة تصبح عبئا عليه وهما من همومه فى حين أنه خارج للمتعة، فضلا عن المصاريف.. مصاريف المواصلات ومصاريف المشاريب ان كان اللقاء فى مقهى أو خلافه والطامة الكبرى لو كان اللقاء فى منزله (يعنى لازم يعشى الضيف)..

أما تليفون العمل.. فهو يؤدى الغرض مجانا حيث أن صاحب العمل هو من يقوم بدفع الفاتورة ولا يكلف مجرى الماكلمة إلا إجهاد عضلات فمه ولسانه ونفس طويل