February 27, 2008

عنصرية


كعادة أغلب البشر... ينظر كل منا على عيوب الأخرين متجاهلا عيوب نفسه كما يقول الشاعر (أظنه الإمام الشافعى رحمة الله عليه):

ولسانك لا تذكر به عورة امرء *** فكلك عيوب وللناس أعين


اعتدنا أن نصف الغرب بالعنصرية... فهم ينظرون بتعال للعرب والمسلمين والزنوج والهنود وكل من هو مختلف عنهم...

فتجد أن فى مفهومهم اللاتينوأمريكى تاجر مخدرات أو قاتل مأجور... والإيطالى عضو فى المافيا... والألمانى نازى حتى ولو كان من مواليد القرن الواحد وعشرين والزنجى مدمن مخدرات وقاتل محترف...


نعيب على الغريين ونصفهم بالعنصرية فى حين أن العنصرية صارت مذهبنا وديننا فى ثقافتنا العربية....


فتجد الصعيدى والحمصى (نسبة لحمص السورية) مرادف للساذج الغبى ... المنوفى والدمياطى بخيل... البورسعيدى مريض بداء الكذب... اللبنانية أكيد ماشية على حل شعرها.... المصرية أكيد رقاصة... والمصرى ديوث... واللبنانى نصاب... والخليجى مريض بالشراهة الجنسية... والسودانى والصومالى معدم جوعان


ولأننا لا نمتلك ألة إعلامية كالأمريكية مثلا، فإننا نستعيض عن هذه الألة بألة النكتة العربية


مرة واحد صعيدى...

مرة واحد منوفى...

مرة واحد سودانى...

حمصى...


*(الحجرات - 11)*


دعونا نطلق حملة من هنا... من هذه المدونة لنبذ العنصرية فيما بيننا ... دعونا لا نلصق الاتهامات ونعممها قاذفين الناس بالتهم والعيوب بالحق وبالباطل...


دعونا نتذكر أنما المسلم من سلم الناس من لسانه ويده







February 18, 2008

عندما يسقط متعب ابن تعبان في امتحان حقوق الانسان



مواطنون دونما وطن

مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن

مسافرون دون أوراق

وموتى دونما كفن

نحن بغايا العصر

كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن

نحن جوارى القصر

يرسلوننا من حجرة لحجرة

من قبضة لقبضة من مالك لمالك

من وثن إلى وثن

نركض كالكلاب كل ليلة

من عدن لطنجة

ومن عدن الى طنجة نبحث عن قبيلة تقبلنا

نبحث عن ستارة تسترنا وعن سكن
وحولنا أولادنا احدودبت ظهورهم وشاخوا

وهم يفتشون في المعاجم القديمة

عن جنة نظيرة

عن كذبة كبيرة

كبيرة تدعى الوطن

***************

مواطنون نحن فى مدائن البكاء

قهوتنا مصنوعة من دم كربلاء

حنطتنا معجونة بلحم كربلاء

طعامنا شرابنا

عاداتنا راياتنا

زهورنا قبورنا

جلودنا مختومة بختم كربلاء

لا أحد يعرفنا فى هذه الصحراء

لا نخلة ولا ناقة

لا وتد ولا حجر

لا هند لا عفراء

أوراقنا مريبة

أفكارنا غريبة

أسماؤنا لا تشبه الأسماء

فلا الذين يشربون النفط يعرفوننا

ولا الذين يشربون الدمع والشقاء

***

معتقلون داخل النص الذى يكتبه حكامنا

معتقلون داخل الدين كما فسره إمامنا

معتقلون داخل الحزن

وأحلى ما بنا أحزاننا

مراقبون نحن فى المقهى

وفى البيت وفى أرحام أمهاتنا

حيث تلفتنا وجدنا المخبر السرى فى انتظارنا

يشرب من قهوتنا

ينام فى فراشنا

يعبث فى بريدنا

ينكش فى أوراقنا

يدخل فى أنوفنا

يخرج من سعالنا

لساننا مقطوع

ورأسنا مقطوع

وخبزنا مبلل بالخوف والدموع

إذا تظلمنا إلى حامى الحمى

قيل لنا : ممنـــوع

وإذا تضرعنا إلى رب السما

قيل لنا : ممنوع
وإن هتفنا يا رسول الله كن فى عوننا

يعطوننا تأشيرة من غير ما رجوع

وإن طلبنا قلماً لنكتب القصيدة الأخيرة

أو نكتب الوصية الأخيرة قبيل أن نموت شنقاً

غيروا الموضوع

******************************

يا وطنى المصلوب فوق حائط الكراهية

يا كرة النار التى تسير نحو الهاوية

لا أحد من مضر أو من بنى ثقيف

أعطى لهذا الوطن الغارق بالنزيف

زجاجة من دمه أو بوله الشريف

لا أحد على امتداد هذه العباءة المرقعة

أهداك يوماً معطفاً أو قبعة

يا وطنى المكسور مثل عشبة الخريف

مقتلعون نحن كالأشجار من مكاننا

مهجرون من أمانينا وذكرياتنا

عيوننا تخاف من أصواتنا

حكامنا آلهة يجرى الدم الأزرق فى عروقهم

ونحن نسل الجارية

لاسادة الحجاز يعرفوننا

ولا رعاع البادية

ولا أبو الطيب يستضيفنا ..

ولا أبو العتاهية

إذا مضى طاغية سلمنا لطاغية

*************************

مهاجرون نحن من مرافئ التعب

لا أحد يريدنا من بحر بيروت إلى بحر العرب

لا الفاطميون ..ولا القرامطة

ولا المماليك …ولا البرامكة

ولا الشياطين ولا الملائكة

لا أحد يريدنا

لا أحد يقرؤنا

فى مدن الملح التى تذبح فى العام ملايين الكتب

لا أحد يقرؤنا فى مدن صارت بها مباحث الدولة عرّاب الأدب

******************

مسافرون نحن فى سفينة الأحزان

قائدنا مرتزق وشيخنا قرصان

مكومون داخل الأقفاص كالجرذان

لا مرفأ يقبلنا لا حانة تقبلنا

كل الجوازات التى نحملها أصدرها الشيطان

كل الكتابات التى نكتبها لا تعجب السلطان

*****************

مسافرون خارج الزمان والمكان

مسافرون ضيعوا نقودهم ..

وضيعوا متاعهم ضيعوا أبناءهم..

وضيعوا أسماءهم

وضيعوا إنتماءهم

وضيعوا الإحساس بالأمان

فلا بنو هاشم يعرفوننا ..

ولا بنو قحطان

ولا بنو ربيعة।ولا بنو شيبان

ولا بنو 'لينين' يعرفوننا ..

ولا بنو 'ريجان'

يا وطنى ..

كل العصافير لها منازل

إلا العصافير التى تحترف الحرية

فهى تموت خارج الأوطان















February 8, 2008

درب الأربعين




كنت أشاهد اليوم على إحدى الفضائيات فيلما تسجيليا عن رحلة الجمال فى درب الأربعين.. ودرب الأربعين هو طريق تاريخى بين مصر والسودان، حيث تنطلق قوافل تجارة الإبل من السودان إلى مصر فى رحلة قوامها أربعين يوما ولهذا سمى طريق هذه القوافل بدرب الأربعين..


تبدأ الرحلة من سوق تجارة الأغنام فى السودان.. حيث يقوم كبار التجار بشراء الإبل القوية وإرسالها فى قافلة كبيرة إلى مصر.. تسير القافلة فى طريقها بمناطق مليئة بالأعشاب والزرع أحيانا.. وأماكن وفيرة المياة أحيان أخرى وذلك فى بداية الرحلة حتى تبدأ الرحلة الحقيقية.. أراض شديدة الجفاف.. شديدة التصحر.. حيث لا مياه ولا أثر للحياة... وبرغم وحشة الطريق وقسوته تظل الجمال دون اختيار إلا أن تظل سائرة فى طريقها.. تمشى أحيانا فى طرق صخرية مفروشة بالحصى المدبب الذى يجرح أقدامها ويدميها.. تسقط الجمال من الألم وبعد بضع ساعات والقليل من الإسعافات البدائية تواصل سيرها رغم الألم الذى يعتريها...


البعض لا يستطيع مواصلة الرحلة.. يخر مريضا أو صريعا... والبعض يتغلب على هذه الصعاب والمشقات... حتى يصل فى النهاية إلى السوق فى أقصى صعيد مصر... ليتم شحنه فى سيارات إلى القاهرة ليلاق من نجا من رحلة الموت أثناء الطريق، نهايته الدامية فى المذبح..


رحلة شاقة هى رحلة الإنسان فى الحياة... ويتساوى من أكمل رحلته بمن سقط فى منتصف الطريق... فالنهاية دائما واحدة للجميع..

February 5, 2008

هنا دمشق

يحكى ابن المقفع فى إحدى قصص رائعته الخالدة "كليلة ودمنة" قصة عن أسد وثور كانا صديقين حميمين.. حتى دخل بينهما الذئب وأوغر صدريهما على بعضهما البعض، فقرر كل منهما قتل الأخر.. فعزم الثور على قتل الأسد، ولكن الأسد كان الأقدر والأسبق على قتل الثور، وهكذا وبعد أن قتل الأسد صديقه الحميم - الثور - استطاع الذئب أن ينعم بوجبة شهية من جثة الثور !!


هكذا أرى ما يجرى بين الشعبين الشقيقين المصرى والسورى ومحاولات الذئب الصهيونى - إسرائيليا كان أو أمريكيا
أو عربيا - لإيغار صدور كل منهما ضد الأخر.. حيثيات هذه الرؤية تتلخص - ولا تنحصر - فيما يلى:
- الدعاية المحرضة ضد حزب الله الشيعى
- نسب حزب الله لإيران بجملة "حزب الله الموالى لإيران" وكما يعلم الجميع فإن إيران هى العدو الحقيقى وليس إسرائيل أو أمريكا لا سمح الله
- العودة للتحريض ضد حزب الله
- نسب حزب الله لسوريا بجملة "حزب الله الموالى لسوريا"


وهكذا فإنه يتم الربط فى عقولنا الباطنة بين سوريا وإيران ويكون أن نضعهما فى نفس الكفة.. كفة الشر


من ناحية أخرى لا أستطيع أن أهضم فكرة أن الحديث المحموم عن أفضلية الدرامة السورية أو المصرية فى مقابل الأخرى، واستدراج الفنانين من كلتا البلدين للإدلاء بأحاديث يشوبها تحفز وعداء للطرف الأخر والذى وصل لحد التراشق بين فناني البلدين وتبادل الاتهامات ... لا أستطيع أن أهضم فكرة أن هذه الحملة وليدة صدفة أو أنها وليدة التنافس الشريف...


فالتهليل للدراما السورية على حساب المصرية وتكثيف الحديث عن أنها قد سحبت البساط من تحت أرجل الدراما المصرية يوغر صدورالمصريين ضد السوريين.. فيبدأون فى التصريح والدفاع عن أنفسهم والهجوم على السوريين مما يستفز السوريين بطبيعة الحال.. وتظل هذه المشاعر العدائية تتصاعد بين الشعبين حتى يتبذل ما بينهما بالدم (على رأى زهير ابن أبى سلمى) أو بالسباب (كما هى عادة كل العرب)، وهكذا فعندما يقع المحظور ويقوم الذئب الصهيونى بالهجوم على سوريا من بعد طول تربص، لا يهب الشعب المصرى للدفاع عنه ولا مؤازرته ولا حتى التعاطف معه..


أرى أمامى هذا السيناريو المشئوم وأنا أتحسر على المشاهد التليفزيونية الأرشيفية لزيارة الزعيم المصرى جمال عبد الناصر لدمشق عندما قام الجمهور السورى برفع سيارة عبد الناصر من على الأرض حامليها على أكتفاهم.. وأتحسر كذلك على أيام لم أعشها ولكنى سمعتها بكل فخر حين كان الشعبين المصرى والسورى شعبا واحد فى زمن الوحدة... وأموت قهرا كلما تذكرت ذلك المذيع فى الإذاعة السورية الذى أعلن نبأ هجوم الذئب الصهيونى من قبل على الأراضى المصرية فأنهى بيانه بعبارة "هنا القاهرة"


وكما بدأت هذه المقالة بذكر كليلة ودمنة، أنهيها كذلك بجملة شهيرة من كليلة ودمنة أيضا:
إنما أٌكلت يوم أٌكل الثور الأبيض