March 16, 2008

احترامات رعاء الشاه





قبيل عصر الفضائيات، اعتدنا التشدق بأننا أصحاب الحضارة والتقدم... أكبر دولة فى المنطقة.. أعظم حضارة فى المنطقة... أحسن تعليم فى المنطقة.. أحسن أطباء فى المنطقة.. واعتدنا احتقار جميع الأخرين.. تفرغنا للطنطنة والغناء "يا مرايتى يا مرايتى" ولم نعمل أى شىء أخر...


فجأة..


وبعد عدة عقود...


وبينما شوارعنا تعوم فى بحور وبحيرات من مياه الصرف الصحى، وبينما طعامنا ملوث بالذباب والحشرات وكافة أصناف المسرطنات، وبينما نحن نموج بعضنا فى بعض من فرط الزحام والهمجية والفوضى والتخبط كمثل يأجوج ومأجوج فى أخر الزمان، إذا بمن كنا ندعوهم "بدو حافيين" أصبحوا أكثر تحضرا منا فى النظام واحترام القوانين... أصبحت شوارعهم تضاهى شوارع أوروبا فى النظافة.. أصبحوا كأفراد ينافسون المواطن الأوروبى فى الاهتمام بالنظافة والعناية بالصحة... وبعد أن كنا ننعتهم بالكسالى المتخلفين وأجولة من الخيش محشوة بأموال النفط لا يستطيعون إطعام أنفسهم، إذا بمنتجات بلادهم تغزو أسواقنا وتنافس منتجاتنا وتفوقها فى الجودة... وفى الوقت الذى نضبت فيه سلة غلال الإمبراطورية الرومانية فى الماضى، أعلنت السعودية أنها سوف تكتفى ذاتيا من إنتاج القمع فى خلال بضعة أعوام!!


دبى..!! هل بعد كل هذا الحديث يكون لذكر دبى أى معنى؟؟


فبينما أحفاد الفراعنة وأبناء أكبر دولة فى المنطقة يعيشون فى عشش من الصفيح ويتكدسون كل 10 فى غرفة بلا حمام، فإذا بدبى (التى لم نكد نعرف لها ذكرا حتى 15 عاما فقط مضت) تشرع فى بناء أعلى برج فى العالم... وقبيل الانتهاء من هذا البرج، فإذا بهم يخططون لبنا أول برج ديناميكى فى العالم!!!


هؤلاء من اعتدنا على معايرتهم لسنين طويلة بالحفى والعرى والجهل والتخلف ونحن منعزلين فى كهف ماضينا الذى ولى، حتى إذا ما جاءت ثورة الاتصالات والإنترنت والفضائيات فانتزعتنا انتزاعا من كهفنا المظلم الذى تعفنا فيه، فإذا بالحفاه العراه رعاء الشاه (كما كان يحلو لنا أن نلقبهم) قد تعالوا بالفعل فى البنيان وحققوا أية الله...

وبرغم ذلك فإننا من شدة ضوء الحقيقة اعتمت عيوننا حتى الأن عن رؤية العفن الذى يعلو وجوههنا ...

هذا الحديث ليس وليد عقدة النقص أو الشعور بالدونية.. وليس وليد صدمة حضارية نتيجة زيارة لمدينة أو أخرى.. إنما هو وليد تحليل ومقارنة جاءت نتاجئها مجحفة لأحفاد بناة الأهرام وغيرهم من أحفاد الحضارات العظيمة التى ولت وولى صناعها الحقيقيون، وعشنا من بعدهم نعيش كما "البرنس" فى رائعة توفيق الحكيم "الأيدى الناعمة"...


قد تأخذ الحمية والغيرة البعض منا فيقول إن الدول الخليجية قد بناها الوافدون وأن دور أهل البلاد ما هو إلا دور ماكينة الصراف الألى، فأرد على صاحب هذا التحليل.. اخى، انظر للنتائج النهائية... كيف كانوا وكيف أصبحوا... وكيف كنا وكيف أصبحنا..


فتحية لكل حاف عار راعى شياه فى قارات المعمورة الخمس كانت له الهمة والإرادة أن يجبر أبناء "الحضر" والحضارات على احترامه والانصياع لإرادته


أرجو الاطلاع على هذه الوصلة



4 comments:

عين فى الجنة said...

فعلا لقد تخلفنا واصبحنا فى سلة المهملات نقتل بعضنا على رغيف الخبز
ارجو ان تقرأى مدونة بنت القمر فقد عادت للتو من دبى ولها تجربة طازة وساخنة
تحياتى

Cleo said...

فعلا يا راجى... لقد آن الأوان أن نعترف بالحقيقية ونواجه أنفسنا بها... فتشخيص المرض هو نصف الطريق للعلاج

Anonymous said...

الغريب في الامر ان يطل علينا احد الاذكياء وهو الوزير يوسف بطرس غالي ويقلل من انجاز دبي ويصفها بانها فقعة هواء وسرعان ما تتلاشى ، طبعاً على اساس اننا حضارة 7 آلاف سنه ،،، لكن الحقيقة اننا فعلا سوف نتلاشى بفضل جيمي وشلته

Cleo said...

Yasovinas ...

ده بس من باب "ده قصر ديل ياااا..."

وربنا عارف اللى فى نيتى