March 26, 2008

الشدة المستنصرية



من أروع ما أخرج العالم الجليل الراحل جمال بدوى كتاب "الفاطمبة دولة التفاريح والتباريح" الصادر عن دار الشروق عام 2004. ومن يقرأ متعمنا فى هذا الكتاب يلاحظ أن أن هناك العديد من مواقف تاريخنا الحالى يكاد يكون تكرارا لتاريخ الفترة الفاطمية - إن لم يكن كلها تقريبا .


ولنر مثلا وصفه للشدة المستنصرية وهى المجاعة التى عمت البلاد لمدة سبع سنوات متصلة والتى تذكرنا على الفور بهذا الغلاء الفاحش (أى ينعم.. غلاء فاحش.. من فحش فمن فرضوه علينا) وطوابير الخبز التى أصبحت ميادينا للاستشهاد.. يقول:




كانت الصراعات الطائفية أول مسمار دق فى نعش الدولة الفاطمية... أما المسمار الثانى فهو تلك المجاعة التى عمت البلاد طوال سبع سنين لم تشهد مصر لها مثيلا منذ السنوات السبع العجاففى عصر يوسف الصديق وقد فاض المؤرخون فى شرح النكبات التى عاناها المصريون طوال المجاعة وسموها "الشدة المستنصرية" نسبة إلى الخليفة المستنصر. فقد نقص النيل حتى بارت الأرض و شح القوتو انتشرت الأمراض و الأوبئة و بلغ سعر الرغيف خمسة عشر دينارا، و بحث الناس عن الكلاب والقطط ليأكلوها، وبلغ سعر الكلب خمسة دنانير والقطة ثلاثة. واشتدت المحنة حتى أكل الناس بعضهم بعضا كما يذكر المقريزى و كان الرجل يخطف ابن جاره فيشويه و يأكله.


********


يروى المقريزى أن سيدة غنية من نساء القاهرة آلمها صياح أطفالها الصغار و هم يبكون من الجوع لجأت إلى شكمجية حليها و أخذت تقلب ما فيها من مجوهراات و مصوغات ثم تتحسر لأناها تمتلك ثروة طائلة و لا تستطيع شراء رغيف واحد..فاختارت عقدا ثمينا من اللؤلؤ تزيد قيمته على ألف دينار، وخرجت تطوف أسواق القاهرة و الفسطاط فلا تجد من يشتريه.وأخيرا استطاعت أن تقنع أحد التجار بشرائه مقابل كيس من الدقيق،و استأجرت بعض الحمالين لنقل الكيس إلى بيتها، ولكن لم تكد تحخطو بضع خطوات حتى هاجمته جحافل الجياع، فاغتصبوا الدقيق، وعندئذ لم تجد مفرا من أن تزاحمهم حتى اختطفت لنفسها حفنة من الدقيق وحزنت لم حدث من الجماهير الجائعة، فعكفت على عجن حفنة الدقيق و صنعت منها قرصا صغيرة و خبزتها ثم أخفتها فى طيات ثوبها و انطلقت إلى الشارع صائحة : الجوع الجوع... الخبز الخبز... والتف حولها الرجال و النساء و الأطفال و سارت معهم إلى قصر الخليفة الستنصر، ووقفت على مصطبة ثم أخرجت قرصا من طيات ثوبهاو لوحت به و هى تصيح : أيها الناس.. قلتعلموا أن هذه القرصة كلفتنى ألف دينار... فادعوا معى لمولاى السلطان...


********


وقبض على رجل كان كان يقتل النساء والصبيان ويبيع لحومهم ويدفن رؤوسهم وأطرافهم، فقتل، واشتد الغلاء والوباء حتى أن أهل البيت كانوا يموتون فى ليلة واحدة، وكان يموت كل يوم على الأقل ألق نفس، ثم ارتفع العدد إلى عشرة آلاف، وفى يوم مات ثمانية عشرة ألفا، وكان "المستنصر" يتحمل نفقات تكفين عشرين ألفا على حسابه، حتى فنى ثلث أهل مصر، وقيل أنه مات مليون وستمائة ألف نفس، ونزلت الجند لزراعة الأرض بعد أن هلك الفلاحون، وخلت القرى من سكانها، وخربت ضواحى الفسطاط - العسكر و القطائع - وتحولت إلى أطلال خربة.



**تمت**

20 comments:

Anonymous said...

الشدة المستنصرية .....

الشدة المستنصرية .............

الشدة المستنصريــــــــــة .....

خير الهم أجعله خير ... انا بقيت بسمع الكلمة دى كتيـــــر قوى اليومين دول

يارب سلم

Hook said...

يقال أيضا على تلك الأيام ان هناك من سرق حمار الوالي أو الحاكم ليألكله...شنق الجائع في ميدان عام...و لكنهم لم يجدو جثته في الصباح التالي!

عين فى الجنة said...

اللهم ارفع عنا الغلاء وارزقنا ولا تعذبنا بما فعل السفهاء منا
امين

Cleo said...

Hassan

يا ترى ليه كتير اليومين دول...

يا ترى ليه كتير اليومين دووول...

يا ترى ليه كتير اليومين دووووووول...


اللهم اجعله خير.. تفتكر ليه يا حسن بقينا نسمع الكلمة دى كتير اليومين دول ؟؟؟ (وش واحد بيستعبط)

Cleo said...

Hook ...

هذه الرواية جاءت أيضا فى الكتاب على لسان المؤرخ السيوطى (يعنى اللى من أسيوط)

(((
ويروى السيوطى فى "حسن المحاضر" : وفى سنة ستين وأربعمائة كان ابتداء الغلاء العظيم بمصر، الذى لم يسمع بمثله فى الدهور من عصر يوسف الصديق عليه السلام، واشتد القحط والوباء سبع سنين متوالية بحيث أكلوا الجيف و الميتات، و أفنيت الدواب ولم يبق لخليفة مصر سوى ثلالة خيول بعد العدد الكثير، ونزل الوزير يوما عن بغلته، فغفل الغلام عنهها لضعفه من الجوع فأخذها ثلاثة نفرو ذبحوها وأكلوها، فقبض عليهم ثم صلبوا فاغتنم الجياع ستار الليل فهجموا على جثث المصلوبين وأكلوا لحومهم ولم يبق إلا عظامهم)))

أتمنى مانوصلش للمرحلة دى

Cleo said...

راجى ...

يا خفى الألطاااااااااف.. نجنا مما نخااااف

يا مالك الممااالك.. نجنا من المهااااالك..

Neveen Ali said...
This comment has been removed by the author.
Neveen Ali said...

لو كل مقتدر دفع الذكاة المقررة عليه بما اوجبه الشرع لما وجد فقير على ارض مصر
ربنا يستر من اللى جاي
الغلاء بيعنى فقر و انحطاط اخلاق و ارتفاع معدل الجريمة و بلادنا مش ناقصة كل ده
عندنا زيادة منهم تكفى للتصدير

اللهم ابعد عنا الغلاء والبلاء والرباوالمحن والفواحش ما ظهر منها وما بطن
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك و اغننا بفضلك عن من سواك

Cleo said...

منه الله...

الزكاة لوحدها مش كفاية.. فيه تراحم وصلة رحم وصدقات وجاهد فى سبيل الله بالمال والعلم وخلافه...

إحنا بنعيش مرحلة تدمير شامل للبلد لا يقارن إلا بفترات أوخار العصر المملوكى والعصر الاحتلال العثمانى لمصر..

ربنا يفرجها... بس لما احنا نغير ما بأنفسنا الأول

Unknown said...

اللي يجنن ايه بقه
ان المجاعه دي حصلت عشان النيل بح
يعني كارثه طبيعيه
انما احنا الوقتي كارثتنا مش طبيعيه
لان النيل ما شاء الله طافح لاخره
ياترى المجاعه اللي في مصر الوقتي اللي رجعت الناس تاني تكل كلاب وحمير سببها ايه
سببها ايه
سببها ايه

مش عارف
"وش واحد بيستعبط"

Empress appy said...

واحنا بقى عندنا الشده الحباركيه دلوقتى صح
يا ربى اسكتى انا كنت بقول للناس روحوا كارفور الحاجه رخيصه انا رحت كارفور كنت هعيط علىالاسعار وهو المفروض ارخص من بره
يا رب فكها من عندك بقى

Cleo said...

دمعاتى...

إممممم... سببها ايييييه... سببها ايييه...

((وش واحد حاول يستعبط بس بهوأت منه :-) )

Cleo said...

appy...

كارفور!!! ولله لو قلتيلهم يروحوا عربية الفول اللى قصاد الترب على طريق المقطم... ده رغيف العيش البلدى بقى ب50 قرش...

اسامة يس said...

اللهم سلم سلم يارب
سلم سلم يارب...

لكن الشدة غير المباركة في العصر المباركي، نظن وان بعض الظن اثم ان سيكون هناك من ع الاقل يخرج السلطان ذاته اذا حدث اللهم عافينا ما كان...
دمت بكل ود...
خالص تحياتي

الباحث عن الحقيقة said...

انت جاي مع مين
انت معانا ولا معاهم
ولا مع الناس التانيين
قصدك يعني نشكر مجهودات الحكومة اننا لسه ما وصلناش للوضع ده
وان اللى بيموتوا لسه بيتعدوا على صوابع الايدين
؟؟؟؟
اكيد انت مش تقصد كده
بس انا فهمت كده
"وش حزين"
بس الشدة المستنصرية دى قضاء وقدر
النيل جف
انما احنا الخير كتير
بس الضمير هو اللى جف

Cleo said...

أسامة..

الشعب المصرى طول عمره عبقرى بدليل انه توصل إلى الحكمة البليغة اللى بتقول.. "اصبر على الجار السو.. يا يرحل يا تجيله ستين مصيبه تاخده"

Cleo said...

الباحث عن الحقيقة...

إحنا التانيين (وش واحد من بتوع الحزن الوطنى)


((وش واحد تانى بيتف من بقه))

طب يعنى بذمتك جفاف النيل قضاء وقدر والحكومة اللى معانا دى تبقى ايه؟؟ مش برضه ابتلاء وقضاء وقدر؟؟

Anonymous said...

كليو
لما قريت حكاية اصبر على جار السو افتكرت نكته
بتقول ان واحد راح للريس واعطاه هدية سلحفاء صغيرة
وقال له دي بتعيش 100 سنه ياريس
فرد عليه طيب ؛؛؛؛ لما نشوف !!!!!اففففففففف

Cleo said...

Yasovinas ...

ماهو ساعات من رحمة ربنا إن الواحد يكون عمره قصير فى الحالات اللى زى دى

Anonymous said...

أللهم أبدلنا هذه الحال

بحال خير منها

آمين يارب العالمين