أكتب هذه المقالة من وحى تعليقاتى وكذلك تعليقات بعض أصدقائى على الفيسبوك على إحدى العبارات التى كنت قد نقلتها والتى نصها " بدون المرأة يكون الرجل خشنا... شرسا... وحيدا... جاهلا بمعانى الرحمة التى هى عبارة عن ابتسامة المحبة من وجه امرأة".
فقد انهالت التعليقات الساخرة واستنكر أغلب الرجال أن يكون هذا تأثير المرأة المصرية، كما استنكرت أغلب السيدات أن يؤثر أى شىء فى الرجل المصرى...
ولكن... وبعد أن انتهت التعليقات و "انفض المولد" وجدتنى غير قادرة عن التوقف عن التفكير فى ردود الأفعال المتساوية فى القوة والمتضادة فى الاتجاه بلغة علماء الفيزياء... فإذا كانت المرأة المصرية كلها مساوئ، فلماذا يعزف أغلب الرجال المصريين عن الزواج بأجنبيات ويفضلن المصرية؟ وكذلك إذا كان الرجل المصرى هو أسوأ رجل فى الوجود، فلماذا تعزف النساء المصريات عن الزواج بأجانب؟؟ لماذا يتغنى الرجال المصريون دائما بحسنات كل نساء العالم إلا المصرية؟؟ فاللبنانية جميلة، والسورية ست بيت شاطرة، والروسية حورية من حوريات الجنة و الألمانية دوغرى ومتحضرة.. أما المصرية فحشرية كشرية نكدية؟؟ لماذا تتغنى النساء المصريات بكل رجال العالم إلا المصري؟؟ فاللبنانى يدلع زوجته وفنجرى، والسورى كله رجوله، والطليانى أمور ودمه خفيف، والألمانى محترم ومتحضر... أما المصرى فكشرى ونكدى وبخيل ومتستغل؟؟
فكما تعلمنا فإنه لا يجوز التعميم، فكما أنه ليس كل الللبنانيات جميلات، فكذلك ليست كل المصريات نكديات... وكمان أن ليس كل الطلاينة أبناء أبوللو، فليس كل الرجال المصرين كشريين...
الحقيقة أننا شعب قد أدمن تقدير كل ما لا يملك.. او لنقل ما يملك الأخرون، أما ما لدينا فهو دائما بخس مهما علت قيمته... ولا نطبق هذا على مجرد الحديث عن الرجال والنساء.. بل فى كافة الأشياء الأخرى... مبانينا القديمة الجميلة التى ندمرها لأننا نبخس قيمتها، ولكننا عندما نرى مثيلتها فى الخارج ننبهر!! حدائقنا.. أثارنا.. نيلنا العظيم!!!
لقد رأيتهم فى الخارج يصنعون قيمة لكل ما لا قيمة له فى بلادهم ثم يسوقونه لنا!! فإيطاليا وبلاد الشام يروجون لأنفسهم بمأكولاتهم... بل لقد وصل الأمر أنه فى روما يبيعون السائحين صور قطط الشوارع والتى تعتبر فى كافة بلاد العالم رمزا لعدم التحضر، فقد استغلتها إيطاليا وصورت قطط الشوارع بواسطة مصورين محترفين فى لقطات طريفة وجميلة تباع فى الأكشاك المنتشرة فى الاماكن السياحية!!
لقد نسى الرجال المصريون أن المراة المصرية هى التى تصحو فجرا لتعد طعام الغذاء له وللأسرة، ثم تذهب لعلمها فى يوم طويل مرهق لتساعده فى النفقات، ثم تعود من العمل لتتابع دراسة الأولاد وباقى شئون المنزل كالمربوطة فى الساقية... فهل يستطيع أن يجد هذا عند النساء الأخريات ممن يتغنى بحسنهن ليلا نهارا؟؟
وكذلك نسيت النساء فى مصر أن الرجل المصرى هو الذى يكابد الأمرين قبيل الزواج لكى يوفر لها مسكنا مناسبا وخلافه من باقى مصاريف الزواج الباهظة التى يفرضها مجتمعنا... وبعد ان يبدأ حياته مديونا يقضى يومه كله تقريبا فى العمل ليوفر للأسرة مستوى معيشة مناسب.
نحن شعب قد أدمن الشكوى وأدمن التذمر وفقد (أو هو من الأصل فاقد) القدرة على الاستمتاع بما لديه، فيبقى دائما ما فى يد الغير ألذ.. ألذ... ألذ.